في عالم الأعمال، عادة ما ينظر إلى مسألة "البحث عن الكمال" بصورة إيجابية، لكني أرى- ومن خلال تجربتي الخاصة- أنه إذا كان مسؤول الشركة يركز على إنجاز الأمور بصورة كاملة، فإن الأمر يتسم بالسلبية أكثر من كونه إيجابيا، وذلك لأسباب عدة:
أولا: يؤدي إلى إبطاء عملية إدخال منتجات جديدة: فعند قيامك بتدقيق آخر عروضك، والتأكد من جودتها لتكون على قدر واف من الكمال المطلوب، يبعث هذا الأمر لديك شعورا داخليا بالرضا، لكنه بالمقابل سوف يؤدي إلى التأثير بشكل كبير على سرعة نموك وانتشارك في السوق. وفي الغالب، الشركات التي تصل قبل غيرها إلى الأسواق هي المالكة للجزء الأكبر من السوق في نهاية المطاف. لذلك، إن لم تكن حذرا بهذا الشأن فقد ينتهي بك المطاف إلى تابع في السوق فقط.
ثانيا: إن السعي وراء كمال المنتجات يؤدي إلى تأخير حصولك على الملاحظات من الزبون؛ إذ يجب أن تسارع بنشر منتجاتك في السوق حتى يتمكن العملاء من إعطائك ملاحظات سريعة حول المنتج.
وأول من ارتقى في هذا المجال هي شركة (مايكروسوفت – Microsoft) في ثمانينات القرن الـ20؛ حين كانوا يقومون بطرح منتجات جديدة في السوق بسرعة هائلة، ومن ثم يستمعون عن كثب إلى الرأي العام حول هذا المنتج. ثم في غضون أشهر، تقوم الشركة بطرح نسخة منقحة من المنتج نفسه بناء على التغذية الراجعة، والنتيجة هي الحصول على منتج أفضل مما لو حاولوا تطويره لفترات طويلة في مقرهم الرئيس فقط.
ثالثا: نادرا ما قد يبدي الزبون أي اهتمام بكمال المنتج. وبالرغم من وجود بعض الأسواق التي تبحث عن المنتج الأمثل، إلا أنها ليست بالقدر الذي قد تتخيله. فالعديد من المؤسسات التجارية على اختلاف أنواعها، والتي تمتلك أعلى النسب في الإيرادات، لا تقوم بإنتاج الأفضل دائما حسب تقييم خبراء الصناعة، إذ لا بد من وجود منافسين في المجال التجاري ذاته، لديهم منتجات محدودة الجودة، لكنهم يمتلكون حجما أكبر في السوق بالرغم من ذلك. وهناك عبرة من وراء ذلك كله، وهي أن أحد أهم أسرار نجاحك في عالم الأعمال هو بإعطاء الزبون ما يريده تحديدا، وليس أكثر من ذلك.
لا شك أن السعي وراء الكمال هدف نبيل، إلا أنه لا يعد عملا حكيما في عالم الأعمال دائما؛ فمن الجيد أن تطمح للأفضل، لكن عليك أيضا أن تطرح منتجاتك في السوق خلال فترة قصيرة، عندها سوف يتسنى لك معرفة ما يريده العملاء بحق، وبالتالي كسب المزيد من المال ليساعدك في التمهيد للمنتج المقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق