كيف نحقق "السعادة في العمل"؟
عندما تحقق لنا أماكن العمل التي ننتمي إليها بعدا معنويا إيجابيا في حياتنا يتجاوز مجرد الحصول على "الراتب" فإن هذا سبب مهم من أسباب السعادة في الحياة حسبما تثبته الدراسات المتخصصة.
في حياة الناس رغم أنها ليست قضية أيديولوجية أو سياسية، ولكنها في الحقيقة تمس جوهرا مهما في حياتنا وهو السعادة المرتبطة بالمكان الذي نقضي فيه نصف يومنا أو أكثر (إذا لم تحسب ساعات النوم!).
كيف تستطيع المؤسسات بأنواعها تهيئة مناخ عملي داخل المؤسسة يمنح موظفيها السعادة والراحة، وهو بالطبع ما سينعكس إيجابيا على إنتاجيتهم وإبداعهم وولائهم للمؤسسة، ويعطي المؤسسة بعدا إنسانيا بعيدا عن لغة الأرقام والخسائر والأرباح؟
هناك عشرات الكتب التي حاولت الإجابة عن هذا السؤال، وفيما يلي سألخص بعض أهم الرؤى العامة التي جاءت بها هذه الكتب:
1- كل إنسان في عمله يتلقى "رسائل" ذات صلة بالعمل عبر البريد الإلكتروني، أو الاتصال الهاتفي، أو من خلال الاجتماعات والطلبات المباشرة، والإنسان بطبيعته يحب أن تكون هذه الطلبات والاتصالات والرسائل تحت سيطرته وقادرا على التعامل معها ذهنيا وعمليا وإنهاء المهام المرتبطة بها. إذا كانت هذه الرسائل تمثل عبئا ضخما لا يمكن للإنسان التعامل معها بسهولة فإن هذا من أهم العوامل التي تقلل السعادة في العمل. في المقابل إذا كان الإنسان يتلقى عددا من الرسائل أقل من قدرته الاتصالية والنفسية فإنه يشعر بالوحدة والانعزال وعدم التجاوب معه، وهذا أيضا يقلل من السعادة في العمل، وقد يؤدي بالموظف لاصطناع مشكلات وظروف حتى يكون بينه وبين زملائه ومديريه تواصل ما.
2 ـ هناك معايير كثيرة لقياس مدى السعادة في العمل، وكلها تقوم على وضع مجموعة كبيرة من الأسئلة التي تكشف مدى سعادة الإنسان في عمله. استخدام هذه المقاييس التي تقوم على عدد هائل من الأبحاث والنظريات مهم جدا، ولكن جوهر الفكرة هو الاستماع لصوت الموظف الصريح والصادق بشأن مدى سعادته في العمل وارتياحه لمهامه التي يقوم بها. أهم القضايا التي ينبغي السؤال عنها (حسب هذه الأبحاث) هي: طبيعة العمل، مناخ العمل، زملاء العمل، المديرون، المقابل الذي يحصل عليه الشخص (بما في ذلك الراتب والبدلات والحوافز المعنوية)، وفرص التطوير والنمو والترقية. إحدى الطرق السهلة لكشف مدى ارتياح الموظفين في أعمالهم هي حساب نسبة الموظفين الذين تركوا العمل خلال سنة، ومقارنتها بالنسب المطروحة في الشركات الأخرى، علما أن كثيرا من دول العالم تصدر مقياسا سنويا تحصي فيه المعدل العام لتغيير الوظائف في الشركات ضمن اهتمامها بقضايا السعادة في العمل.
3 ـ العلاقة بالمدير المباشر هي واحد من أهم العوامل التي تؤثر في السعادة في العمل، وهذه العلاقة ليست مرتبطة فقط بما يفعله المدير، بل أيضا بالأسلوب والمزاج الذي يتم فيه التواصل بين المدير والموظف، الأمر الذي يضع عبئا كبيرا على المديرين لتطوير كيفية تعاملهم مع موظفيهم، نظرا لأن حساسية الموظف نحو أي تواصل يأتيه من مديره عالية جدا مقارنة بالحساسية المماثلة في أي علاقات شخصية أخرى في حياة الإنسان. العبء يزيد على المدير الذي يدير مديرين آخرين، ويريد أيضا أن يطور قدرة هؤلاء المديرين على التواصل مع موظفيهم الذي يترك في النهاية أثرا مباشرا على الإنتاجية والتفوق في العمل.
4 ـ هناك ارتباط قوي بين سعادة الإنسان في عمله وسعادة الإنسان في حياته الشخصية، ولذا فالاهتمام بالتغيرات المهمة في حياة الموظفين الشخصية له تأثيره المهم، وكثير من الشركات أسست برامج لدعم حياة الموظفين الشخصية والأسرية والترفيهية.
5 ـ الروتين هو عدو سعادة الإنسان في عمله، ولذا تقوم الشركات بوضع مختلف الأفكار والطرق التي تقلل من الروتين في حياة الموظفين مثل: تدوير الوظائف بين الموظفين، تحديد وقت لتجريب أفكار جديدة أو العمل مع إدارات مختلفة، إعطاء الموظفين الفرصة للنمو في الاتجاه الذي يحبونه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق