ماتت إدارة الموارد البشرية Human Resource Management HRM (1980) لتحيا إدارة الموارد البشرية HRM الجديدة، لأنها لم تستطع التغلب على مخاوفها، وجاءت التجارب لتخرج لنا إدارة المواهب البشرية ( TM ) القرن الحادي والعشرين تطوراً عن إدارة الموارد البشرية الجديدة HRM . مواهب بشرية تتطلع إدارتها إلى حجز مقعد رئيسي على طاولة التخطيط الاستراتيجى لتحقيق الميزة التنافسية، وتوفير التعلم والمعرفة اللازمين للممارسين في هذه الإدارة في ظل عالم اليوم. وبالتالي تدرج ظهور إدارة المواهب البشرية، من خلال إعادة صياغة العلاقة ما بين العنصر البشري والإدارة والتي مرت بمراحل مختلفة، وهي موضحة بالمخطط التالي، وسوف نستعرض بعد ذلك المخطط بالتفصيل.
1. مرحلة ما قبل الثورة الصناعية The period before Industrial revolution)) :
تميزت هذه المرحلة بطرق الإنتاج اليدوية، وسعى الإنسان إلى توفير الحد الأدنى من مستلزمات العيش التي تكفل بقاءه إذ كان ينظر إلى العامل على أنه من ممتلكات صاحب العمل يبيعه ويشتريه شأنه شأن أية سلعة، فلم يظهر أي اهتمام بالعنصر البشري أو مهاراته .
2. مرحلة الثورة الصناعية (Industrial revolution) :
هذه الفترة بداية المرحلة الصناعية في أوروبا، وظهور الآلات والمصانع الكبيرة، كان يتم اختيار العاملين بناءً على مهارات معينة تتوفر فيهم للقيام بالعمل المطلوب منهم القيام به.
3. مرحلة القرن العشرين (Twenty century) :
شهد هذا القرن أنشطة وفعاليات واسعة النطاق في إطار الاهتمام بالعنصر البشري، من أبرزها ظهور حركة الإدارة العلمية بزعامة (Taylor) ، الذي ركز على التعاون ما بين الإدارة والعاملين، والقياس العلمي للعمل، وتحديد أفضل الأساليب في الأداء والاختيار والتعيين للافراد المناسبين في الأعمال التي تتناسب مع مؤهلاتهم، ووضع الأجور المناسبة وإزالة مصادر الصراع بين الإدارة والعاملين الذي يمكن أن يقود إلى زيادة الإنتاجية وزيادة الأجور من خلال زيادة الأرباح.
تلا ذلك ظهور علم النفس الصناعي حيث اهتم بدراسة ظواهر معينة مثل الإجهاد والإصابات والتركيز على تحليل العمل بهدف معرفة المتطلبات الذهنية والجسمية للعاملين، والإختبارات النفسية المناسبة للاختيار من بين المتقدمين لشغل الوظائف. ثم ما لبث أن ظهرت حركة العلاقات الإنسانية التي ركزت على المبدأ الذي يقول: حيث أن الناس يعملون مع بعضهم البعض كجماعات لغرض تحقيق أهداف الجماعة، فمن الضروري أن يفهم الناس بعضهم البعض، حيث اعتقدت أن إنتاجية العاملين لا تتأثر بتحسين ظروف العمل المادية بل أيضاً الاهتمام بالعاملين.
§ ظهور مدرسة إدارة الافراد :
بدأ الاهتمام بإنشاء إدارات متخصصة في إدارة الافراد أو إدارة شئون الافراد أو إدارة القوى العاملة، وتركزت أهداف هذه الإدارة كجهاز متخصص في توفير احتياجات المنظمة من القوى العاملة وتنميتها والمحافظة عليها بما يحقق أهداف المنظمة في الإنتاجية والربح والنمو وكذلك مساعدة المنظمة في حل مشاكل الافراد كوسيط بينهم وبين الإدارة. حيث تشير هذه المرحلة إلى مدى أهمية العنصر البشري في العمل وأهمية إدارة الافراد في المنظمات ودورها في إدارة شئونه المختلفة
4. مرحلة نهاية القرن العشرين:
مع نهايات القرن العشرين شهدت هذه المرحلة تطورات كبيرة وملحوظة في إدارة الموارد البشرية فقد لعبت المتغيرات التي شهدها هذا العصر أدواراً فريدة لم تكن معروفة، تتمثل هذه المتغيرات فى : ( العولمة، شدة المنافسة العالمية، الطلب المتغير على الجودة من قبل العملاء، تطور التكنولوجيا بصور متسارعة بالإضافة إلى بروز ظاهرة التمكين للعاملين) وهي إحدى أهم الافرازات الفكرية والفلسفية للتعامل مع القوى البشرية.
هذه المتغيرات وغيرها فرضت واقعاً جديداً لمنظمات الأعمال يركز جل اهتمامه بالمورد البشري، ويسلط الضوء أكثر عليه كأهم مورد يجب إدارته بمهنية متخصصة. حيث ظهرت مدرسة إدارة الموارد البشرية بدلا من إدارة الافراد .
§ مدرسة إدارة الموارد البشرية:
توافقاً مع التطورات المتواصلة في الفكر الإداري المعاصر، والمتمثلة في الإبداع والابتكار وإبراز قدرات ومواهب الافراد واستثمار طاقاتهم الفكرية، برز خلال الثمانينات من القرن الماضي مفهوم جديد لإدارة الافراد هو إدارة الموارد البشرية ( HRM ) بموجبه تحددت نشاطات هذه الإدارة في مجموعة وظائف مثل تحليل الوظائف وتوصيفها واختيار الافراد وتعيينهم وتحديد الأجور والحوافز وتنمية وتطوير الافراد وحل مشاكلهم وتقوية علاقات التعاون بينهم وبين الإدارة وبذلك ازدادت مساهماتها في تحقيق أهداف المنظمة من حيث زيادة الإنتاجية وبلوغ النمو المطلوب للأعمال والأفراد .
5. القرن الحادي والعشرين:
مع ازدياد شدة التحديات المعاصرة على منظمات الأعمال، فرضت مهام جديدة على إدارة الموارد البشرية لعل أهمها وأكثرها حراجة هي جذب واستقطاب نوعية جديدة من الموارد البشرية تتميز بدراية ومعرفة عالية وقدرة متميزة.
هذا دعى إلى إعادة النظر في المدارس التي تطورت آنفاً وخاصة مدرسة إدارة الموارد البشرية وتطويرها إلى ما يعرف بمدرسة إستراتيجية إدارة الموارد البشرية.
§ مدرسة إستراتيجية إدارة الموارد البشرية:
تعتبر هذه المدرسة هي الأساس في نشأة إدارة المواهب، لقد انطلقت هذه المدرسة بفكر إدارة الموارد البشرية من الإنحصار في مشكلات الاستقطاب وتوظيف العاملين حسب احتياجات الادارات الوظيفية إلى الانشغال بقضية أكثر أهمية وحيوية في إدارة الأداء ( performance management ) وتحقيق الإنتاجية الأعلى وتحسين الكفاءة والفعالية. وبموجب هذه المدرسة أصبح ينظر إلى العاملين على أنهم شركاء حقيقيون في العمل ومورد إستراتيجى من موارد المنظمة.
§ موارد القرن الحادي والعشرين ( فكر إدارة المواهب البشرية) :
مع تطور مدرسة إستراتيجيات الموارد البشرية، ودورها في اكتشاف واستقطاب الكفاءات وذوي المواهب والمهارات العالية، بدأ التركيز ينصب إلى ما يعرف بالمواهب البشرية وكيفية إدارتها، هذه المواهب والتي تحمل صفات وقدرات تؤهلها للخوض في المتغيرات المتلاحقة التي يشهدها هذا القرن، هذه بدايات ظهور فكر إدارة المواهب التي بدأت تحل كمصطلح أساسي بدلا عن إدارة الموارد البشرية.
يرى العديد من علماء الإدارة أن تحقيق النجاح في القرن الحادي والعشرين يتطلب إحداث تغييرات جوهرية في فلسفات العمل وأنظمته وسياساته الحاكمة، وأن النجاح في الظروف الحالية والمستقبلية يستلزم مزيجاً من القدرات المميزة التي تساعد على تحقيق الابتكار والجودة والمرونة.
ولا يتأتى ذلك إلا إذا توافر للمنظمات السمات الرئيسة التالية:
§ التوجه بالمبادرة: أي تحقيق الاستجابة السريعة للابتكار والتغيير وسرعة التصدي للمشكلات ومن ثم ضمان الأداء المتميز.
§ التوجه بالافراد: حيث تلتزم منظمة القرن الحادي والعشرين باجتذاب العاملين ممن يحملون مواهب تميزهم عن الآخرين، وأن تقدم لهم الخدمات والبرامج التي تساعدهم على تحقيق الإشباع الوظيفي.
§ التوجه بمشاركة العاملين: ويعني تحقيق مزيد من القيمة المضافة من خلال استغلال مهارات ومواهب الافراد وكيفية الوصول إلى أعلى مستويات ممكنة من الأداء.
§ التوجه العالمي: وتتمثل تلك السمة في القدرة على خلق منظمات تدار مهنياً حول العالم.
§ التوجه بالجودة: يجب أن تسعى منظمة القرن الحادي والعشرين لتحقيق رضا عملائها من خلال تبني برامج متكاملة، وذلك لضمان أداء العمل الصحيح من المرة الأولى.