(التخطيط الإستراتيجي بطريقة الهوشان)
خذ من وقتك دقيقة للتعرف على التخطيط في الجهة التي تعمل بها بالإجابة على الأسئلة التالية :
· ما هي رسالة ورؤية الجهة التي تعمل بها ؟
· ما هي القيمة التي تعطيها الجهة التي تعمل بها لخدمة العملاء الداخليين والخارجيين ؟
· ما هي أكبر الصعوبات التي تواجها جهة عملك ؟
· ما هي الحلول التي وضعتها جهتك للتغلب على الصعوبات ؟
· ما هي نقاط القوة في الجهة التي تعمل بها ؟
· ما هي المساهمة التي تقدمها جهتك في خدمة توجهات الشركة ككل ؟
ألف مبروك على انتهاءك من هذا التمرين البسيط ، والسؤال هل أجبت هذه الأسئلة بتلقائية وسلاسة ؟ هل هذه هي أول مرة تفكر فيها في هذه الأسئلة ؟ هل أنت مقتنع بجدوى التخطيط الذي تقوم به جهتك ؟
إذا لم تجد في الإجابة السلاسة والتلقائية ، أو لديك تحفظات أو أنت غير مؤمن بالتخطيط الذي تقوم به جهتك فهذا يرجع بشكل أساسي إلى تفعيل الخطط التي تقوم به جهتك وجعله واقعاً ملموساً في بيئة العمل . إليك عزيز القارئ ، طريقة هوشان اليابانية التي هي ليست فقط طريقة لتفعيل الخطط فقط بل هي طريقة إستراتيجية للعمل والتي تطبقها كثر من الشركات اليابانية .
هوشان هو اسم مختصر لـ " هوشان كانري " والتي تترجم بـ :-
- " هوشان " أي طريق / مسار أو خطة وهدف .
- " كاناري " أي إدارة ، أو ضبط و مسئولية .
ومعناها مجتمعة " إدارة المسار " أو " ضبط المسار " وأحياناً تسمى بـ " ثورة التخطيط " في بعض الأدبيات .
تبدأ الهوشان بمثل ما يعمل في خطوات التخطيط العامة من تحليل التحديات التي تواجه المنظمة ، ومن ثم تحديد الفجوات . و المختلف في طريقة الهوشان هو استخدام هوشان للإتجاهات المتنوعة (حيث يتم تحديد وتنفيذ ومتابعة الاهداف بمشاركة عامة لجميع طبقات المنظمة للوصول الى الاجماع). ويقصد به التوحيد بين اتجاهات مختلفة في بوتقة واحدة حيث تأخذ في الحسبان التحديات التي تواجه المنظمة ومن ثم تحليل للفجوات ووضع الخطة .بينما يتميزالتخطيط التقليدي بأحادية الاتجاه ( الإدارة أو الأفراد يقومون بتحديد الأهداف ومن ثم يتم تفعيلها ).
كما هو موضح في الشكل ، تقوم هوشان بدمج ثلاث اتجاهات عامة وتحشد موافقة وتأييد الموظفين ودعمهم خلال عملية التخطيط .
هذه الاتجاهات أو المبادئ هي ليست خطوات متعاقبة ، بل هي أشبه بالمعادن المختلفة التي تصهر في بوتقة واحدة وتعمل في نفس الوقت ، لتنتج ما يسمى بالتخطيط على طريقة الهوشان .
v وضع الخطط :-
يهدف هذا الجزء الى الحصول على التزام الموظفين بعد أن تضع الإدارة العليا اتجاهات وإستراتيجيات عامة . يعنى هذا الجزء بالحصول على إجماع الموظفين ومراجعتهم لهذه الاتجاهات الاستراتيجية العامة . وعن طريق فرق العمل، يقوم الموظفين بوضع أولويات التنفيذ وتصميم الخطط الخاصة بهم وكذلك مراجعتها ، ويقوموا كذلك بمحاسبة أنفسهم على أدائهم .
تقوم فرق العمل بالتنسيق بين بعضها البعض للتأكد من التوافق والتناغم بما يخدم الأهداف العامة . بمشاركة الموظفين في هذا الجزء، يتوفر لهم فهم الاتجاهات الاستراتيجية العامة للشركة والأهم من ذلك هو إلتزامهم وإجماعهم عليها . بمشاركة الموظفين يتم إعطاء الإدارة الصورة الواضحة عن القدرات الحالية للنظم والعمليات في الشركة وفي المقابل بمشاركة الإدارة في هذا الجزء، يتم توفير للموظفين المواد اللازمة لتحقيق هذه الخطط . بهذه الطريقة يقوم الموظفين والإدارة بالعمل سوياً لتفعيل الخطط الاستراتيجية .
تستخدم كذلك الهوشان طريقة فريدة في التواصل بين طبقات المنظمة ، وهو ما يسمى بمبدأ " امسك الكرة " . أُخذ هذا المسمى من لعبة يابانية قديمة حيث يقوم الأطفال بتمرير الكرة على شكل دائرة كبيرة لبعضهم البعض . وما تعينه " امسك الكرة " في هوشان هو أن الأهداف وطرق التنفيذ و قياسات الأداء تمرر على جميع طبقات الشركة بشكل عمودي وأفقي في جميع الهرم الإداري حتى يتم الوصول إلى الاجماع . فالتحفظات على الاتجاهات الاستراتيجية للمنظمة يتم مناقشتها والتعديل عليها جماعياً . كما أن الموظفين في جميع المستويات يساهموا في التعديل على الخطط على أساس المعلومات والتحليل والخبرة حسب نطاق أدائهم . وتمرر الخطط عموديا وافقيا بالكثير من المد والجزر بين فرق العمل وبين الادارة الى ان يحصل الاجماع على هذه الخطط.
v تحديد الوسائل والقياسات :
يتم في هذا الجزء تحديد الغايات ومؤشرات الإنتاجية . والإضافة التي تقدمها هوشان هو أن يحدد الموظفين أنفسهم الطرق التي سيتخذوها لتحقيق هذه الغيات والأهداف مما يوضح الصورة الكاملة للإدارة عن إمكانية المؤسسة لتحقيق الاتجاهات الاستراتيجية الضخمة .
ويعتبر هذا فرق كبير بين هوشان والإدارة بالأهداف ( والتي هي في رأي الشخصي طريقة شركتنا في التخطيط والتي هي صيغة معدلة ومطورة للإدارة بالأهداف ) . في الطريقة التقليدية في الإدارة بالأهداف تحدد الإدارة أهداف أو غايات مثل ( الحصول على 20 يوم تدريبي للمنسوبين خلال السنة ) أو ( تقليل انقطاع التيار على المشتركين بنسبة 10% مثلاً ) ولكنها لا تحدد الكيفية لتحقيق هذه الأهداف . في التخطيط بالهوشان يقوم الموظفين في كل مستوى إداري بتحديد الوسائل والطرق للحصول على عدد الـ 20 يوم تدريب أو 10% من انقطاع التيار ، بالإضافة إلى مؤشرات الأداء الكفيلة بضبط أدائهم ومستوى تقدمهم أثناء تنفيذ هذه الأهداف .
v إحداث الترابط ، ربط طبقات المنظمة :
يهدف هذا الجزء إلى خلق ترابط بين طبقات المنظمة الأفقية والرئيسية ( مثال في شركتنا ، ربط بين إدارات القطاع ، وربط بين القطاعات نفسها لتحقيق أهداف النشاط ، وكذلك بين الأنشطة ) . يقوم كل فريق بتمثيل كل طبقة ويستخدم كما أسلفنا مبدأ " امسك الكرة " للتواصل بين فرق العمل .
تستخدم الهوشان مبدأ " الصورة الكبيرة " والتي يحددها كما أسلفنا الإدارة العليا ولا تحدد الطرق التي توصل إلى هذه الأهداف العامة لأنها تترك ذلك إلى الموظفين . وتبدأ فرق العمل من كل طبقة بتحديد الوسائل والطرق الموصلة لهذه الصورة الكبيرة . وعند حدوث تعارض بين هذه الوسائل والطرق ، تسعى هذه الفرق سوياً لحلها بشكل من التناغم المشترك على مستوى الطبقات عن طريق الاجتماعات والعمل الجماعي ( وفي حالتنا الترابط العمودي يأتي بين الوحدة والقسم وثم الإدارة والقطاع ، والترابط الأفقي بين الإدارات ثم بين القطاعات ثم بين الأنشطة ). ويركز هذا الجزء على حصول على الإجماع بين الطبقات من خلال فرق العمل والذي هم بالتالي يمثلون الموظفين .
والجميل في الهوشان أن الطرق لتنفيذ الأهداف تتدحرج ( إن صح التعبير ) من كل طبقة إلى الطبقة التي تليها . تقوم كل طبقة من الطبقات العمودية بتحديد اهداف الطبقة التي اسفل منها ولا تحدد الطرق الموصلة الي هذه الاهداف. فبهذه الطريقة تتدحرج الاهداف، ان صح التعبير الى ان تصل الى الموظف. فيتضح للموظف دوره وما سيحققه على مستواه الشخصي لكي يحقق بالتالي هدف قسمه أو وحدته وبالتالي اهداف ادارته ونشاطه وشركته .
بلا شك أن التخطيط على طريقة الهوشان يحتوى على الكثير من العمل الجماعي و الذي يغير بيئة المؤسسة ويحدث جواً من الانفتاح ، ويؤثر في طريقة العمل . هذا التأثير يجب ان يقيم خاصة اذا لم تكن المؤسسة جاهزة الي هذا التغيير. كما ان الهوشان يحتوى على الكثير من التفصيل الذي يضيق المجال لذكره . وبلا شك أن الهوشان يعتبر تغيراً في بيئة المنظمة وسيجلب ليس فقط الوعي بالخطط والالتزام بتنفيذها بل حتى أنه يغير طريقة تفكير أفراد المؤسسة لينتقل نحو الجماعية .
السؤال الذي يطرح نفسه ،ألم يأتي الأوان بعد أن تفكر شركتنا بإعادة النظر في جدوى التخطيط وتفعيله في بيئة عملنا ؟! سؤال يترك إجابته للمسئولين عن التخطيط في الشركـة .